الجمعة، 25 نوفمبر 2011

الفرقُ في الأعالي

مهند يعقوب 

بالوردة التي
جفَّ عطرها ولونها في الكتاب
بالكلمات المخنوقة ذاتها
أعبر اليكِ
الكلمات التي ضاع صداها في الأغنية
هل تتذكرين أول الأغنية ؟!.

لا أعرف ماذا يعني
ان تتحول الفراشة الى حبة رمل
لكني أعرف السبب الذي من أجله تحترق
ويكون ( كلّ شيء هو كلّ شيء آخر )
يدخله ويصير معناه.

أعرف أيضاً
الفرق في الأعالي
بين النقطة والمدى
أعني الرحلة والوصول
أدعوكِ لها
بينما أنتِ خائفة
وصوتك شاهدٌ على اليأس
الذي هو طائرتك الورقية
والنافذة التي تفتحينها على قلبك الصغير
يعلو ويخفق
ثم لا يعثر عليه أحد.

أعرف الكثيرعني
حينما تجهشين بالبكاء
والكثيرعنكِ
عندما تسألين :
متى ستأتي ؟!
ولا يهم ان يحدث ذلك على ورقة
وتقولين :
سيكون لي معزّون
وفي ساحة الدار
ستكون هناك شجرة
شجرة وحيدة وميتة .


أربعون في النشاز

مهند يعقوب 

مضتْ أربعون
وأنا أرعاها ورقة بعد أخرى
وشهيق بعد شهيق
هي تتقمصني
وأنا أجهل السّر
من حقل السيكوتين
الى حقل القطن البارد
لِمَ لا أدفعها الآن
الى قوس الصدفة
او نوايا الفَلًَك البعيد ؟!
سوف لن ( أضرط على حياتي )
بل سأغني لها
ورقة بعد أخرى
وشهيق بعد شهيق
وسأحب الخراب
المحيط بي
من كلِّ جانب.


السبت، 8 أكتوبر 2011

عندما لا يحين الوقت

مهند يعقوب



كيف لي أن أكتب قصيدة
كما يفعلها طفل ؟
عن الوجود والحياة
والانسان الموجوع
من اليوم والأمس والمستقبل.
عن الوردة في الحديقة
وفرقها عن أختها
في مزهرية البيت او المتجر.
عن الحبيبة التي جُنت ضاحكة
والفراشة التي صارت حبة رمل.
عن إثنين تحابا ثم انفصلا 
مثل شجرة مشطورة .
عن الوصول الى البلاد الملونة
 بالندم والطين
وعن حساب المسافة 
بين الهاوية والهاوية ؟.

كيف لي بعد ذلك
أن أكتب قصيدة
كما يفعلها مجهول او لا أحد ؟
عن حياتنا الجميلة والمريضة
عن صديق يبيت في المياه منذ 2001 .
عن " الغرق فوق اليابسة "
والرثاء الذي يشبه المدخنة.
عن الصُّدف الذكية في طريق العاشق
وشرف التناقض والضدّ
او الصعود فوقهما.
عن الأثر يشتاق ويضحك
بوجه المؤثر
وعن المعروف قد لا يعرف
او لا يتذكر العارف ؟!.


30 ديسمبر 2011

الأربعاء، 24 أغسطس 2011

البعث العابر للأجيال او صناعة العقدة المدورة

مهند يعقوب


هناك مجموعة من الحقائق المرتبطة بالحروب التي حصلت في تاريخ العالم  تحولت فيما بعد الى ميثلوجيا وعقدة مضاعفة ، ويعود السبب في هذا التحول الى عوامل عدة ، منها ما هو مرتبط بارادة المنتصر وموهبته المرهفة في صناعة الاوهام ثقافياً واعلامياً ، ومنها ما يتعلق بهشاشة المهزوم ذاته وقابليته على الاطاحة بنفسه ، خاصة بعد انتهاء تلك الحرب لصالح منافسيه ولو بعد مرور عقود زمنية طويلة ، مما يسمح بحضور وفاعلية تلك العقدة . وبالتالي تنعكس على شكل تنازلات للطرف الرابح سياسياً واقتصادياً وحتى جغرافياً ، وايضاً تنعكس على شكل عقوبة سايكلوجية جماعية يبقى المجتمع يعاني منها لحين توفر فرصة تاريخية للنسيان المهذب .

يُعد الهولوكوست النموذج الأبرز من بين تلك الأساطير التي كان من نتائجها اقامة دولة ذات مواصفات اصولية دينية وعسكرية خاصة . وتكريسه اي الهولوكوست ليس وسيلة لادانة هتلر والنازية فقط  وانما هو سعي لتأصيل العقدة النازية لدى الألمان أنفسهم .

ان الشخصية الألمانية لا تستطيع الفكاك من هذه العقدة بل امتدت الى الاجيال التي لا علاقة لها بشكل النظام السياسي آنذاك ولا تنتمي الى ايديولوجيته . ويعتبر فيلم  " القارئ " للمخرج " ستيفن دالدراي " النموذج الأهم الذي يعكس هذه العقدة بوضوح ، من خلال المحاكمة لـ " كيت وينسلت " المتهمة التي انفضح أمرها بعد صدور كتاب الناجية الوحيدة من المجزرة . والفيلم رغم التضمينات الفنية والتعبيرية الهائلة التي يحتويها بعيداً عن السياسة ، يركز على هذه العقدة من خلال الادانة والمحاكمة التي جاءت عملاً بمبدأ  " الأثر الرجعي " الذي تغذيه تلك العقدة المتلازمة .

عراقياً فنحن امام عقدة جماعية مماثلة في بعض الجوانب تغذيها أساطير الحرب مع ايران والكويت وهذه الاخيرة تسعى دائما للاستفادة من هذه العقدة بكل السبل ، ويجب ان تبقى حاضرة على جميع طاولات الحوار والتفاوض في المحافل الدولية والاقليمية ، حتى بعد عام 2003 وزوال النظام الدكتاتوري في العراق .

اعتمدت الكويت دائماً الابقاء على أسطورة الاسرى والديون المترتبة على العراق جراء حرب 1991 وستبقى تعتمد على هذه الملفات لتأصيل هذه العقدة لدى العراقيين وابقائها تدور على مدى أجيال متعاقبة ولكسب المزيد من الربح ايضاً. انها العقدة البعثية التيساهم صراع " الاخوة كرامازوف " داخلياً بعد عام 2003 على تعميقها أكثر من أي طرف آخر، هذا الصراع الذي أخذ كل أشكال الاختلاف والتعسف ، ولم يأخذ اي شكل واحد من أشكال الحوار والاتفاق ، خاصة وان مرحلة ما بعد النظام الهمجي ينبغي ان تكون مقطوعة عما سبقها من ممارسات مشوهة وعلى كل المستويات وهذا ما لم يحصل !.

ساعد كثيراً الذهن العراقي الآخرين على استقبال هذه المغذيات منهم ويصنعها لنفسه بعناية اذا لزم الأمر ، لان محيطه السياسي والاجتماعي والثقافي مليء بالاشارات العميقة التي تنتمي لذلك التاريخ الجنائزي ، ولا يمكن مغادرة هذه الحقبة لعجز الجميع عن الاتيان بالفكرة البديلة .

لقد اجتمعت جميع الارادات السياسية عراقية واقليمية على صناعة هذا المرض وترسيخه . داخلياً من أجل الكسب والتربح الحزبي والشخصي ، وخارجياً من أجل تقديم المزيد من التنازلات لصالح طرفي الحرب مع العراق ، سواء على صعيد ظهور ما يسمى بالآبار النفطية المشتركة او الصراع على المنفذ الحدودي البحري الوحيد للعراق والذي منه الازمة الاخيرة مع الكويت .

حيث تحول الخطاب الذي يتبناه بعض الملتزمين بقول " ربع الحقائق " فيما يتعلق ببناء ميناء مبارك وماراثون الديون ، الى خطاب رومانسي أكثر مما هو خطاب يرتبط بالقانون الدولي وابرام المعاهدات والاتفاقات الرسمية للحفاظ على مصالح وحقوق الدول المختلفة وعدم المساس بها مستقبلاً . لدرجة ان أحد الشخصيات السياسية العراقية والداخلة في الانتخابات الاخيرة تحت لافتة تيار سياسي ، يتحدث عن الازمة العراقية الكويتية بمزيد من التقريع والتوبيخ لذاته الجماعية رغم انه كان معارضاً للنظام السابق . ان توصيفات " ناعم ، وخشن " " حبوب ومهتلف " الواردتين في خطابه للتفريق ما بين الكويتي والعراقي ، تنطوي على مكنون نفسي يتسم بالدونية والشعور بالحيف والمرارة الزائدة ، أكثر مما هو رأي  يتعلق بالاجراءات الفنية والقانونية لفهم وحل تلك الازمة .

كذلك فان قراءة متانية لبعض الصحف العراقية حول ذات الأزمة ، يكشف حجم هذه العقدة المتجذرة في النفوس على النحو المدني والثقافي والسياسي . فالشحنات النفسية المرتبكة في خطاب بعض المثقفين والأدباء العراقيين مثيرة للشفقة ، للحد ان مشكلة ترتبط بالدولة العراقية حديثاً وبمصالحها ، يتم الحديث عنها كجزء من مرحلة سياسية وايديولوجية سابقة  تتعلق بشكل النظام السياسي مسبقاً وبممارساته الخاطئة ، ويتحمل مسؤوليتها كل العراقيين ، بما فيهم الاجيال المحايدة والتي ستجيء مستقبلاً ، متناسين الحديث عن شكل الازمة وسبل حلها بعيداً عن الأخذ بمنطق الأثر الرجعي . ومن ثم يكشف هذا الخطاب مستوى التداخل بين القضايا المتعلقة بالقانون وكيان الدولة ، والقضايا المتعلقة بالمجاملات الاجتماعية التي لا تخلو من التراجيديا والمديح الفضفاض للطرف المسكوت عن اخفاقاته !.

يعود هذا الخلط والتداخل لرسوخ العقدة ذاتها في كيان العراقيين ،الذين ما ان تحصل ازمة مع اي من دول الجوار تتعلق بمستقبل العراق ومصالحه ويمكن حلها بالطرق الفنية والقانونية والسياسية ، حتى يتسارعوا بطريقة لا واعية للحديث عن حروب نظام حزب البعث بدون مناسبة ، ويضعون المزيد من الطين على جباههم بسبب اجتياحات بربرية لم يكونوا اطرافاً فاعلين فيها ، بل لم تكن الاجيال التي تلت 1980 و 1990 جزءا منها . انها عقدة عابرة للأجيال ومدورة ، يسعى صانعو العقد والميثلوجيا السياسية الجديدة محاصرة الطرف الخاسر بها دائماً وحبسه داخل أقواسها ، لكسب المزيد من الربح واغراقه بمزيد من الشعور بالعار وتبني الرومانسية المخجلة لحل المشكلات .

الجمعة، 3 يونيو 2011

جماليات القبح

مهند يعقوب


" للأشياء القبيحة خصوصية فنية
قد لا نجدها في الاشياء الجميلة
وعين الفنان لا تخطئ ذلك ".
فينسنت فان غوخ

يكتسب كل من القبيح والجريمة كموضوعات في الأدب والفن التشكيلي والسينما ، جماليتهما من الموهبة ، والذكاء ، والحساسية الفنية المفرطة لدى المبدع ، لتنجيز الشكل او الفعل الجمالي نفسه وتحريك تلك المواضيع فيه . كما وان نقل القبيح والجريمة فنياً ، أكسب هذه المواضيع بعداً مختلفاً ونقلها من خامات مباشرة مستبعدة ومطرودة ذوقاً ، الى صور وأفكار وفلسفات تأخذ " خصوصيتها الفنية " من جماليات الصناعة وعمق الافكار، في تأويل وفهم القبيح والجريمة معاً .

ليس الميل لكشف جماليات القبيح ميلاً اعتباطياً او صناعة طارئة ، انه جزء من العالم والوجود ، بل جزء من الطبيعة الانسانية التي لم تستكمل بعد العلوم والمعارف الحديثة كعلم النفس والاجتماع والانثربولوجيا كشف خريطتها بالكامل ، وكيف تتشكل لديها النوازع والافعال التي نطلق عليها فيما بعد خيراً او شراً ، وهو ايضاً اي القبيح جزء مساو في ذات الطبيعة الأم وداخل في قوانينها " اشتقاق الطيب من الخبيث والاعتماد عليه والعكس " والشر عندما يرتفع الى مستوى مكافئ للخير تنعدم لدينا الخيارات بينهما في الترجيح وهذا يعود الى القيم الجمالية ذاتها .

ان مبدأ " الرؤية الجمالية الحرة " لدى الفيلسوف كانط جاء ليحقق تمايزاً لصالح فلسفة الجمال الحديثة والانطلاق في الحكم على الاشياء من الداخل ، اي من خلال عنصري " الفهم " " والتخيل " عند الانسان عموماً وليس وفقاً لتحقق تلك الاشياء في الخارج ، وبالتالي فحصة القبيح نسبة لكانط تنقلب الى حصة مساوية للجمال بل أكثر خصوصية فنية منه ، وهذا يعود الى التناغم بين ملكتي الفهم والتخيل بحسب كانط في طريقة النظر والحكم على الاشياء . كما وان جماليات الفعل او الشيء تكمن في الاضافة التي يسحبنا الى تحقيقها الفعل او الشيء نفسه ، لان حقيقته تقول بهذه القابلية على الانزياح ، وهذه القابلية تستدعي وجود " عين فنان " محترف لتعيد اكتشاف هذا الفعل وهذا الشيء وفقا لمصيره في الحضور والتشكل على يد الفنان .

تُعد شخصية " الضفدع " Ben whishawبطل فيلم " العطر " 2006 للروائي الالماني " باتريك زوسكيند " وكذلك شخصية الدكتور "هانيبال لكتر "Anthony hopkins في فيلم " صمت الحملان " 1991 من أبرز النماذج التي تمثل طغيان المبررات المنطقية والجمالية في فعلهم الاجرامي على أية مبررات أخرى داخل تلك الاعمال السينمائية ، لوجود قصديّة مباشرة وواعية في صناعة الجريمة على النحو الفني ، وان كانت تلك الأعمال تُصنف ضمن أعمال " المرض في السينما " لكنها اشتغلت على أفكار فلسفية وأخلاقية هي متوفرة من الأساس في طبيعة وجودنا كبشر، نقلاً عن أساطير وأديان وثنية وأعمال فنية ومنحوتات ، مثلما تضمن فيلم " التنين الاحمر" 2002 تحديداً كواحد من سلسلة أفلام الدكتورهانيبال لكترأعمالاً فنية ونصوصاً شعرية عديدة للشاعر والرسام الأنجليزي " وليم بليك " وخاصة لوحته الشهيرة " الشبق " او " التنين " التي أخذت مكانة رمزية مكثفة في هذا الفيلم للتدليل على معنى التحول الجنسي عند " فرانسيس دولارهايد " Ralph fiennes ، وكذلك تضمنت أعمال دانتي في الجحيم ، ويهوذا في الأناجيل ، وعلم التشريح كممارسة ، وبعض النماذج من الحشرات والعصافير كطائر " أبو الحناء " وما يشتمل عليه سلوك هذا الطائر من ممارسات غرائبية تتسم أحياناً بالعنف والتخريب . وجميعها كانت اشارات وتضمينات تدفع باتجاه دعم وابراز الخصوصية الجمالية في الجريمة ، التي تفرض الميل اليها وفقاً لطبيعة العمل وعناصره الأبداعية شكلاً ونقداً وتحليلاً وشواهداً .

أياً كانت التصنيفات التي يمكن ان نضع فيها الأعمال والشخصيات الفنية التي أظهرت جماليات القبيح والجريمة ، سواء كانت في سياق عد هذه النماذج البشرية تعاني من أمراض وأزمات نفسية حادة ، او في سياق اعتبار هذه الاعمال انعكاساً لطبائع البشرعموماً. يبقى الاشتغال وشكل الصناعة يمدنا بهذا المعنى والجمال من خلال عناصر العمل نفسه ، ومن خلال الموضوع المفكَر فيه ، والموهبة الخالصة في تقديمه كعمل فريد . وهذا كله كافياً لان نجعل من بطل " العطر " شخصية مثالية في تربية الذائقة الانسانية الى ما هو أرفع من المألوف والعادي ، في سياق فهم وتطوير معنى الجمال وحضوره ، وهو نفسه الذي يجعلنا نعتقد بأهمية نصوص وليم بليك ، وكذلك نصوص الماركيز دو ساد ، وايضاً نصوص الشاعر والقاص العراقي حسن بلاسم ، الذي يُعد حالة مميزة من بين الشعراء العراقيين في طبيعة الموضوعات التي يختارها لنصوصه الشعرية والقصصية الصادمة والوحشية وخاصة مجموعته " طفل الشيعة المسمّوم " .

 تجيء الاشارة لهذه النماذج بوصفها أعمالاً اختارت ان تتناول موضوع القبيح والجريمة ضمن سياق جمالي وفلسفي خالص ، وغير معنية في نقل الجريمة كفعل انساني مدان ومرفوض أخلاقياً وقانونياً . وما يجعلنا نهتم بموضوع من هذا النوع ، هو أثره في احداث التطور في النظرة على الجمال مفهوماً وفلسفة وتجريباً ، وكذلك محاولة متواضعة منا لتنسيب صفة الشمول والعالمية الى تلك الاعمال . حيث يأخذ أي عمل كان وفي أي حقل ابداعي صفة العالمية او الكونية نسبة الى سعة انتشاره ، وكذلك حسب ما يندرج عليه موضوع العمل وعناصره الابداعية التي تشكله كحقل ابداعي وعالمي من الأساس . وموضوعات من قبيل الموت او الحب او الحرب ، اندرجت بما يشبه المجاز للتعبير عن كونية العمل او عالميته . والعالمية ليست محددة فقط بالموضوع بما يحمل من صفات جمالية عامة وأهمية انسانية شاملة ، فالليومي ، والذاتي ، والبسيط ، والقبيح ، أهميتهم في اعطاء العمل صفة العالمية ايضاً ، والذي يجعل من هذه العناصر والموضوعات تأخذ هذه السعة والشمول ، هو قدرتها على ان تتحول من حالة ذاتية وجزئية الى فكرة عالمية يتحكم في اعطائها هذه الصفة والمكانة ، شكل الصناعة عموماً والابداع والذكاء والحرفية العالية في تلك الصناعة. وفي هذا السياق لا نستطيع التدليل - اضافة لما تقدم من نماذج - على تحول الجزئي او البسيط او القبيح الى صفة العالمية في السينما مثلاً ، بأكثر من لقطة " طفل الخراء " في فيلم " المليونير المتشرد " 2008 وهي لقطة تحّول فيها الطفلAyush mahesh khedekar الذي يسعى لمقابلة النجم الهندي " آميتاب " الى طفل مصنوع من الريش ، وهو يحاول التخلص من مأزق حبسه بالخلاء ، للحاق بالنجم لكي يوقع له على الصورة. كان مشهد انغماسه في الداخل ويده ترتفع بالصورة الى الأعلى ، مشهداً لا جدال وشك في عالميته وحرفيتة الفنية العالية وأثره الجمالي الشعري الواضح .

لقد تحولت الفضلات الى موضوع جمالي مثير للاهتمام والاعجاب بفضل الموهبة والقدرة على صناعة اللقطة بحساسية فنية نادرة ، والفضلات هنا لم تقل أهمية عن أهمية موضوع الموت وفلسفته في فيلم " الرحيل " الياباني 2008 الحائز على الأوسكار كأفضل فيلم بلغة أجنبية مثلاً. وبالتالي فالبحث عن صفة العالمية ومن ثم اسناد هذه الصفة الى الأعمال الابداعية حسب موضوعاتها لا تحكمه شمولية هذه المواضيع او محليتها ، بقدر ما تحكمه عين الفنان نفسه ، وموهبته الفذة في جعل هذه الموضوعات ذات انتشار وتلقي عالميين.

الخميس، 21 أبريل 2011

قصائد بحجم العالم

هاجر 


1


وقت قلنا للريح :
 دعي الجياد تمر
أكتشفنا صدفة
أن الخيول تموت راكضة!

2

جعنا كثيراً
وحين احتطبت أمي عفافها لتطعمنا
نضجت الخيول
وكان للصهيل مطباته
ولأفئدتنا ذائقة الحرمان !
فمَنْ سيعلمنا لغة العائلة ؟
وحينئذ ... أية دابة سنمتطي إلى الهاوية ؟!

3

كان عرسي محتشداً بالفضوليين
فلم أجد مكاناً للأبتسامة !
ربما كان الله مجوسياً
ففضَل أن نرقص وسط النار .

4

حين نجوع
نأكل أوقاتنا باسترجاع الماضي
لكن ما يحزننا حقاً
ان لا رغيف في الذاكرة .



5

حين أسندت رأسي إليك  
وقتها فقط
أيقنت إنك فراغ كبير !
وقبل ذلك
لم أكن أعلم إن الفخاخ تبالغ في أناقتها
وإن الهاوية قد تأخذ شكل كتف .

6

في بحر أوجاعنا نغرق
وحين نلَوح
لا تنقذنا مراكب أحزاننا 
وهي تشرع للمجهول
وكأننا غرباء
نتساقط من جعبة المساءات
بلا تصفيق حتى .



7

تشوهت وجوههم ..
فكسروا مرايا الآخرين
غرقوا 
فثقبوا مراكب أحلامنا
ولأن الأرض تستفز بكارة الموتى 
فضَوا كل قوانين الطبيعة
وهم يحتضرون .


8

أسميتك الحب , الحياة , الوطن  ...
فأسميتني هاجر 
وتركتني لوحشة المحطات؟!.



الاثنين، 4 أبريل 2011

صبرُ ليلى

علي السعيدي

 علي السعيدي
يبعثرُ  البردُ أشلاء النجوم ِ
تلّـوحُ كل عاشقة بسطوعها
تجذبُ كوكبها لأحظانها
تتفرق النجمة ُ .. إثرَ النجمة..
الساحة ُ فارغة
إلا ليلى..
تردد بمرارة:
                يا ليالي الإنتظار
                ملّت الساحة مني،
                أينَ وهجي؟
                قطف الصبرُ بهائي،وصباي
                أين أنت الآن أين؟
يا صبر ليلى..
طلع الفجر ُ، وخلفهُ العاملون، والتلاميذ
والعشاق بالزي الجامعي
يتطلعون بـ (ليلى)
يبتسمون لها، تبتسم لهم
يرحلون...
وتبقى ليلى مسمّرة بباب ِ الإنتظار
لا تبارح عرشها السرمدي
لكنّ َ سرعان ما تحرقها الشمس
ليلى تحترقْ
لكنها لا تصبح رماداً .. أبداَ    

2011                                 

إستيقاظ

مهند يعقوب

منذ القرن الثالث قبل الميلاد 
لم نعرف حتى الآن
أيهما حلَّ في الآخر
تشوانغ تسو تحوّل الى فراشة ؟
أم الفراشة تحوّلت الى تشوانغ تسو ؟
هو أيضاً لا يعرف مثلنا 
لكنه أرتفع أكثر مما ينبغي
لميت أن يستيقظ .





الأزهارُ التي نمَتْ الى الأسفل

مهند يعقوب

ليستْ في الداخل
ولا في الخارج
لم تكن في أية جهة
لم أرها في طفولتي
ولم أجدها
في كارتون الفترة الصباحية
لم تكن في الكتب
ولا في دفتر الرسم
ولم أقف بانتظارها
وهي عائدة من المدرسة
لم يكن هناك سرٌ للتأمل
ومدّ النظر
ليس كافياً جسدٌ أبيض
وعينان خضراوان
لا حقيقة تدّل على الضرورة
بالصدفة
إلتقينا
كان زيُّنا الصمت
وأزهارنا كانت تنمو الى الأسفل
بالصدفة أيضاً
صرنا غابة من الزعل
فأساً وشجرةً
بالصدفة
حطتْ على يدي
تلك الفراشة النحيلة
وبالصدفة ذاتها
كنتُ البيت الواهن
الذي صار حتفها .



الاثنين، 24 يناير 2011

دراجةُ العمر

رعد زامل

رعد زامل
أهكذا العمر
يمضي  سريعاً على دراجته الهوائية 
فيا للعمر إذ يمضي
ويا للطبيعة
وهي ترمينا ورائها
كبيضة فاسدة
أقول : قف
هناك ثقبٌ في الاطار
ثقبٌ في الرؤوس
ثقبٌ يؤسس لانهيارنا
وانهيار طفولتنا
على السواحل
ربما الكلمات المسلحة
ستبني بروجنا
ولكن أنظر يا علي سعدون
أنظر الى الحمار
الحمار وحده لا يأبه للطبيعة
أما نحن فليس في أيدينا
من الاصابع والرمل
ما يكفي
لبناء قاماتٍ لا تنهدم ! .



جوعٌ مضحك

ماهر عبد الله

ماهر عبد الله
وأنا مصابٌ بالطين والحراشف
علمتُ إنك السمكة
وأن الحب يقبعُ في آخر النهر
للأشياء أواخر كريهة
لا أقصد البحر طبعاً
أنهارنا غالباً ما تؤدي الى مشاريع للسقوط
أقصد الشلالات
ماذا سأفعل بحياتي
وأنا بهذا الكم من الجمل الكابية ؟
أيها الشعر
أنت شلالٌ أيضاً
وانتِ
أيتها السمكة
ما دمتُ لا أستطيع السباحة
ولم آكل منذ عامين
أخرجي الآن
لمي حطباً
إشعلي ناراً
وانبطحي على المائدة
فأنا
جائعٌ
جداً .

الاثنين، 3 يناير 2011

شيءٌ ما

مهند يعقوب



شيءٌ ما يحدث
شيءٌ ما يشبه الخيانة
يجعلُني أنحبُ كطفلٍ مفجوع
ويدفعُني للدخول في الحائط.
شيءٌ ما يحدث
ليس متعلقاً بالنكد
ولا بالحنين لما فات
ولا بموتٍ قريب
شيءٌ يخصني وحدي
أراهُ ولا أستريح
يختفي ولا أستريح
شيءٌ صغير مثل حبة كراهية
يتكررُ في الليل والنهار
تحتَ الصقيع
او تحتَ الشمس الباهتة
في البيتِ او الشارعِ او المدرسة
يكبرُ بالتدريج
حتى يصبح أوسع من حياتي
أوسع من هذا العالم
شيءٌ ما حوّل أوقاتي
الى ألمٍ مدلّل
الى رغبةٍ في الكتابة
على هذا النحو الهزيل !.